قانون الاسكان والتفرقة بين المواطنين //

في القانون الحالي للإسكان رقم 2 لسنة 2007معضلة اساسية ، ألا وهي التمييز بين فئات المواطنين، والتي كرسها ووضع بنودها للأسف قرار مجلس الوزراء رقم «17» لسنة 2007 بأولويات وضوابط الانتفاع بنظام الإسكان عندما قام بحرمان القطري بالتجنس من الأحقية في الحصول على الأرض الحكومية أو المبلغ النقدي المقرر لمن يقوم بشراء تلك الأرض، وقصر هذا الحق على القطري الأصلي، مع أن هذا الحرمان يتعارض مع نصوص الدستور القطري خصوصا المادة «34» منه التي تنص صراحة على ان «المواطنون متساوون في الحقوق والواجبات العامة» وهذا التمييز الواضح بين المواطنين قد يجد ما يبرره إذا كان الأمر متعلقاً بالحقوق السياسية، مع أن التوجهات الحقوقية الحديثة لا تقر حتى هذا التمييز في هذا النوع من الحقوق، وتستنكر التوسع فيه وتهدف للتقليص من نطاقه. ومع ذلك أقول ليت الأمر اقتصر على التمييز في الحقوق السياسية حتى يمكن تبريره بأن هناك من التشريعات المقارنة من اعتمد هذا المسلك وسار في هذا الاتجاه مع تعارضه طبعا مع المواثيق الدولية، خصوصا إذا كان هذا الحرمان بشكل دائم كما هو مقرر عندنا للأسف في قانون الجنسية الذي حرم فئة القطريين بالتجنس من الحقوق السياسة وبشكل دائم، وأقصد هنا بالحقوق السياسية حق الانتخاب أو الترشيح أو التعيين في أي هيئة تشريعية، وهذا الحرمان المطلق يتناقض بشكل صريح مع المادة «25» من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي لا تجيز وضع قيود غير معقولة على تمتع المواطن بحقه في الانتخاب والترشيح والمشاركة في إدارة الشؤون العامة. ومع ذلك ليت الأمر اقتصر على ذلك إنما وصل التمييز إلى نطاق ومجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وهو الفعل المستغرب والمستهجن لأن هذا التمييز يتعارض مع العدالة الاجتماعية، ولأنها تفرقة تخل بمبدأ المساواة بشكل أكبر، وتهدر من قيمة النص الدستوري وتفرغ حق السكن من مضمونه، لأن المتبقي لصالح القطري المتجنس بعد هذا الحرمان هو الانتفاع بنظام القرض فقط، وهو قرض مسترد مع إضافة الرسوم الإدارية السنوية المستحقة عليه، فهو إذن ليس منحة وإنما هو قرض حسن في أحسن صوره. وهو تمييز لا مسوغ له من الناحية الاقتصادية كذلك، خصوصا ودولة قطر ولله الحمد دولة ثرية وتمتلك موارد طبيعية عظيمة وأنعم الله عليها بالرخاء، وعدد سكانها لا يتجاوز ربع المليون إلا بشيء قليل. .. لهذا نهيب بالمشرع القطري تدارك هذا الخلل الحقوقي الحادث في قانون الإسكان الحالي، وذلك برفع تلك النصوص التي تخلق حالة تمييز واضحة بين المواطنين لم تكن مقررة من قبل بهذه الطريقة وتقسم النسيج الاجتماعي القطري إلى فئات وإلى شعب متفاوتة في الدرجات، خصوصا وقانون الجنسية الحالي وسع من نطاق القطري بالتجنس وأصبح يشمل استنادا لأحكامه كل مواطن بالتجنس وكل فروعه مهما دنت، وبذلك أصبح الأبناء والأحفاد الذين يولدون لأب قطري بالتجنس هم في عرف قانون الجنسية متجنسون، وهذا حكم خالف فيه المشرع القطري كل الأصول الثابتة في قواعد الجنسية على نطاق دولي التي تقرر أن كل شخص مولود لأب مواطن بغض النظر عن صفة جنسية الأب سواء كانت أصلية أم بالتجنس. يكتسب هذه الجنسية ويصبح مواطناً أصليا وليس بالتجنس.. وهذا الأمر ذكرته اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر في تقريرها لسنة 2006.
لكل ما سبق نوصي المشرع القطري بإزالة هذا التعارض الحاصل بين واسع أفق الحقوق العامة المقررة للمواطنين في نصوص الدستور الدائم وبين أحكام القوانين المقيدة لسمو هذا الأفق.. حتى لا تصبح بنود الدستور الدائم حبراً على ورق ليس لها صدى في أرض الواقع المعاش. وحيث إن قانون الإسكان على وشك الولادة كما نسمع ولم يبق إلا القليل على منحه شهادة الميلاد الشرعية، نوصي المشرع القطري باحترام المبادئ المقررة في المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والمنصوص عليها ولله الحمد في صلب وثيقة الدستور القطري الدائم، ونطالبه بنزع الصلاحية عن النصوص القانونية القطرية التي تكرس الانقسام بين فئات الشعب، وتخلق درجات متفاوتة من المواطنة بين أفراد المجتمع وتثير إشكاليات مستقبلية، دولة قطر في غنى عنها.. فهل يستمع لنا المشرع القطري ويرفع عن كاهل المجتمع القطري الواحد والمتحد أعباء هذه القوانين التي تناقض بنصوصها وروحها روح الأداة التشريعية الأعلى والأسمى ونصوصها.. والسلام
محمد فهد القحطاني //كاتب قطري

Reply · Report Post