معالجة قانونية لاتهام ابراهيم كريمي بالإقامة غير المشروعة بعد إسقاط جنسيته بوصفه


#Bahrain #GCC #UK#USA
معالجة قانونية لاتهام ابراهيم كريمي بالإقامة غير المشروعة بعد إسقاط جنسيته بوصفها جريمة مستحيلة




نشرت النيابة العامة على تويترخبر عن التحقيق مع السيد إبراهيم كريمي ،ووجهت له عدة تهم، منها الإقامة غير المشروعة في البلاد؛ حيث أسقطت جنسيته بحكم قضائي
وللعلم فإن جنسية السيد إبراهيم كريمي سُحبت بقرار وزاري وهو مطعون عليه لدى المحكمة الإدارية لصدوره بخلاف القانون، قبل تعديله في يولية 2014، مع التحفظ على دستورية التعديل أصلا.ولذلك سنوضح بالمناقشة القانونية مدى مُنافاة تهمة الإقامة غير المشروعة في البلاد الموجة للسيد إبراهيم كريمي ، وذلك على النحو التالي :
1- الدفع بانتفاء الدليل على كون المتهم اجنبيا:
من المقرر أن المسئولية الجنائية لا تثبت إلا بإثبات أركان الجريمة، فلكل جريمة أركانٌ نص القانون على وجوب توافرها وإلا انتفت تلك الجريمة أصلاً، ويقع على النيابة العامة عبء إثبات توافر تلك الأركان وعليها واجب تقديم الدليل على ثبوت التهمة المنسوبة للمتهم وتوافر كافة أركانها المادية والمعنوية، فإذا ما خلت أوراق الدعوى من الدليل القاطع على صحة الاتهام أو كانت أوراق الدعوى قاصرةً عن إثبات أركان الجريمة أو وُجِدٓ شكُ في الأدلة تعيّن الحكم ببراءة المتهم مما نسب إليه؛ ذلك لأن الأصل في المتهم البراءة، كما وأن أي شك لابد أن يُفسّر لصالح المتهم كما هو المقرر قانونا.
وبإعمال ما تقدم على الإتهام الموجه للسيد ابراهيم كريمي ووصفه بأنه أجنبي يتعين عليه للبقاء في البلاد بصورة مشروعة الحصول على إقامة صالحة من الجهات الرسمية. ولما كان سند النيابة العامة في وصف السيد إبراهيم كريمي بالأجنبي ، هو الإدعاء بصدور أمر ملكي باسقاط الجنسية البحرينية عنه . ولما كانت أوراق الدعوى ومستنداتها قد جاءت خالية مما يثبت صدور ذلك الأمر، وهو أساس الدعوى وسندها، الأمر الذي يتعين القول ببراءة السيد كريمي مما نسب إليه من تهمة مخالفة أنظمة الإقامة.
2 – الدفع بانتفاء الركن المعنوي وحرية الاختيار:
إن الشرط الجوهري في المسئولية ينبني على ضرورة أن يكون الفعل المنسوب إلى المتهم قد تم طواعية منه. ويُعدُ الفعل غير إرادي إذا لم يكن نتيجة لممارسة المتهم لإرادته، وبعبارة أخرى يتعين أن يكون فعل المتهم – كحركة عضلية – طواعية فيجب أن يكون تعبيراً إرادياً. وعلى هذا إذا أُجبِرَ شخصٌ على اتيان فعل بسبب قوة مادية خارجية، فإن الفعل يُعَدُّ إكراهاً مما لا يمكن نسبته إليه أو جعله محلا للمسئولية الجنائية.
ويقول الفقيه في القانون الجنائي الأستاذالدكتور أحمد فتحي سرور ما نصه : ( تُفترضُ الإرادة الحرة كأساس للمسئولية الجنائية أن تتوافر لدى الإنسان القدرة على توجيه إرادته إلى عمل أو امتناع معين. صحيح إن حرية الإنسان في التصرف ليست مطلقة لأنها تحكمها رغبات ونزعات ومؤثرات مختلفة داخلية وخارجية، ولكن كل هذه العوامل لا يجوز أن تقلل من سيطرته عليها ولا من قدرته على التحكم في تصرفاته. واشتراط حرية الاختيار يتلاءم مع وجود القانون ذاته، فالشارع يوجه خطابه إلى الكافة للقيام بعمل أو امتناع معين. وما لم يملك المخاطبون بالقانون حرية القيام بهذا العمل أو الامتناع، فلا قيام للقانون لأنه لا التزام بمستحيل. ولذلك، فإن المخاطبين بالقانون يجب أن تتوافر لديهم حرية الاختيار. ) (الوسيط في قانون العقوبات – القسم العام – الدكتور أحمد فتحي سرور –ص501)
ويقول الفقيه العلاّمة الدكتور محمد نجيب حسني ما نصه: (حرية الاختيار التي نعنيها كأساس للمسئولية هي فكرة إجتماعية قانونية، أساسها وظيفة القانون وما يتضمنه من أوامر ونواهر، وارتباط ذلك بوجوب أن يبذل كل شخص مجهودا كي يطابق سلكوه هذه الأوامر والنواهي، وبديهي أنه من المستحيل أن يطالب شخص بهذا المجهود ما لم يكن ذلك في استطاعته، ويعني ذلك أنه لا يسأل شخص عن جريمة باعتباره قد خالف أمر الشارع أو نهية إلا إذا كان في وسعه ألا يخالفه، أي كان في وسعه ألا يرتكب الجريمة؛ فحرية الاختيار على هذا النحو ضرورة منطقية يفترضها وجود القانون؛ وهو بدوره ضرورة اجتماعية.) (شرح قانون العقوبات – القسم العام – الأستاذ الدكتور محمد نجيب حسني – ص512)
ويقول ذات الفقيه في موضع أخر ما نصه: (جوهر الركن المعنوي هو الإرادة الإجرامية، ولا توصف الإرادة بذلك إلا إذا كانت ذات قيمة قانونية، أي كانت جديرة بأن يعتد بها القانون، فيسبغ عليها الوصف القانوني السابق ويقيم بها الركن المعنوي للجريمة، ولا تكون الإرادة ذات قيمة قانونية إلا إذا توافر لها شرطان: التمييز وحرية الاختيار؛ فإن انتفى أحد هذين الشرطين أو كلاهما تجردت الإرادة من القيمة، وتوافر بذلك مانع من المسئولية.) (المرجع السابق – ص521)
وبإعمال ما تقدم على التهمة المنسوبة للسيد إبراهيم كريمي في الواقعة الماثلة، ولما كانت النيابة العامة قد نسبت للمتهم بأنه، مُنذ اسقاط جنسيته البحرينية، لم يقم بتسوية وتعديل وضعه القانوني في المملكة واستمر بالاقامة فيها بصور غير مشروعة مخالفا بذلك قانون الأجانب لعام 1965 وتعديلاته. ولما كانت تسوية أوضاع المتهم وتعديل وضعه القانوني،
على الفرض الجدلي بصحة القول باسقاط جنسيته البحرينية، لا يكون إلا بسلوك أحد أمرين لا ثالث لهما فإما الحصول على إقامة صالحة من الجهات الرسمية المختصة أو مغادرة البلاد. وهذان الأمران يستحيلان على السيد إبراهيم كريمي(المتهم) القيام بهما؛ لكونهما يستلزمان أن يكون لدى المتهم جواز سفر؛ إذ استلزم القانون للحصول على الإقامة أن يكون بحيازة الشخص أو مُقدم طلب الإقامة جواز سفر صالح وهذا ما كانت تنص عليه صراحة المادة الرابعة من قانون الإقامة لعام 1955 الملغي والتي تنص على أنه :
(لا تصدر الرخصة بموجب هذا القانون لأي شخص تنطبق عليه المادة الثالثة من هذا القانون حتى يُبرز إلى مدير الجوازات لحكومة البحرين جوازه أو تذكرة سفره، أو رخصة دخوله وذلك للتصديق عليها بالمدة أو الشروط (إذا وجدت ذلك) للاقامة المسموح بها.) وقد أكدت المادة الخامسة من قانون الإجانب لعام 1965 ما كانت تنص عليه المادة الرابعة سالفة الذكر من وجوب حيازة الشخص لجواز سفر صالح للحصول على رخصة الإقامة حيث نصت على أنه: (ما لم يكن ذلك بتصريح من مدير الهجرة لا يجوز لمأمور الهجرة أن يمنح إذناً لأجنبي بالنزول إلى أراضي البحرين إلا إذا كان في حيازته جواز سفر صالح أو وثيقة سفر أخرى معتبرة عليه أو عليها تأشيرة صالحة لدخول البحرين.) ويستفاد من النصوص السالف استحالة حصول أي شخص أجنبي على إقامة ما لم يكون لديه وبحوزته جواز أو وثيقة سفر صالحة. ولما كان يترتب على اسقاط الجنسية البحرينية عن السيد إبراهيم كريمي(المتهم)، سحب وإلغاء جواز سفره، فإنه يستحيل عليه الحصول على إقامة، ومن ثم تغدو مطالبته بالحصول على إقامة هو من باب التكليف بمستحيل وهو المنهي عنه عقلا وشرعا بل وقانونا ؛لأنه من قبيل :ألقاه في اليمِ مكتوفاً وقال له إياكَ إياكَ أن تبتلّ بالماء ؛ ممايترتب على ذلك امتناع مساءلة السيد إبراهيم كريمي (المتهم) إذا لم يسلك هذا السبيل أي الحصول على إقامة صالحة ولا يكون أمام السيد إبراهيم كريمي(المتهم) سوى السبيل الآخر وهو مغادرة البلاد وهو أمر ممتنع كذلك لسببين أولهما: إن المغادرة تستلزم أن يكون بحوزة المتهم جواز أو وثيقة سفر صالحة؛ إذ لن تستقبله أي دولة في العالم ما لم يكون بحوزته تلك الوثيقة. وثانيهما: إنه لا يمكن للمتهم مغادرة البلاد إلا إذا وجدت جهة أخرى تستقبله وهو الأمر المتنفي لدىالسيد إبراهيم كريمي (المتهم)، ومن ثم فإنه يستحيل عليه المغادرة وهو السبيل الآخر والأخير للسيد إبراهيم كريمي (المتهم) ليتجنب مخالفة القانون البقاء في البلاد بصورة غير مشروعة، وبانتفائه أو بعبارة أدق باستحالته يمتنع مساءلة السيد إبراهيم كريمي(المتهم) الذي لا يوجد لديه أي خيار أو اختيار في مخالفة أو عدم مخالفة القانون ؛ الأمر الذي يترتب على ذلك انتفاء الركن المعنوي والمتمثل في حرية الاختيار لدى المتهم؛ مما يتعين الحكم ببراءته مما نسب إليه.
3 – الدفع بعدم انطباق المادة (64 مكرر عقوبات) على الواقعة المنسوبة للسيد إبراهيم كريمي :
إن من مقضى العمل بمبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص أنه لا يجوز للقاضي أن يوقع عقوبة لم يكن القانون قد نص عليها صراحة بشأن الواقعة المعروضة أمامه. كما أن من مقتضاه عدم التوسع في تفسير نصوص القانون الجنائي وعدم الأخذ فيه بطريق القياس. وفي ذلك تقول محكمة النقض المصرية ما نصه: (يجب التحرز في تفسير القوانين الجزائية وإلتزام جانب الدقة في ذلك وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل.) (نقض 18 مايو سنة 1965 مجموعة أحكام محكمة النقض س16 رقم98 ص482 – مشار إليه في كتاب شرح قانون العقوبات – القسم العام – الفقيه الدكتور محمد نجيب حسني – هامش صفحة 93)
وبإعمال ما تقدم على واقعة الإتهام الماثل، وبالرجوع للمادة (64 مكرر) من قانون العقوبات والتي تطالب النيابة العامة تطبيها على واقعات الإتهام الماثلة، نجد أن نصها قد جاء على النحو التالي: (إذا حُكم على أجنبي ذكراً كان أو أنثى في إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون جاز للقاضي أن يأمر في حكمه بإبعاده عن دولة البحرين نهائيا أو لمدة محددة لا تقل عن ثلاث سنوات.) ويُستفاد من النص السالف على نحو اللزوم والإقتضاء،أنه لا يجوز للقاضي أن يأمر بعقوبة الابعاد إلا على الاجنبي الذي حكم عليه بالادانة في إحدى الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات فقط دون غيره من القوانين بدلالة عبارة (في هذا القانون) الواردة في النص السالف. ولما كانت الجريمة المنسوبة للمتهم إرتكابها، بحسب الثابت من الأوراق، تتمثل في جنحة مخالفة قانون الاجانب، فلا مجال للقول بتطبيق المادة (64 مكرر) من قانون العقوبات على واقعات الدعوى الماثلة، ولا يقدح فيما أوردناه الاستناد لنص المادة (111) من قانون العقوبات؛ ذلك أن المادة (64 مكرر) إضيفت إلى القانون لاحقا بموجب المرسوم بقانون رقم ( 9 ) لسنة 1982 بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات لسنة 1976 وقد تضمنت نصا خاصا وصريحاً بسريانها فقط على الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات دون غيره ومن ثم فلا يمكن القول بتطبيقها على الجرائم المنصوص عليها في القوانين الأخرى لتناقض ذلك مع عبارة النص الصريحة ومن ثم يغدو تطبيقها أو اعمالها على واقعات الدعوى الماثلة فيه مخالفة للقانون فضلا عن مخالفة مبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص هذا بالاضافة إلى استحالة تنفيذ تلك العقوبة على المتهم ؛ وذلك للأسباب التي سبق إبداؤها إذا يستلزم الابعاد وجود جهة تقبل باستقبال المتهم المحكوم بإبعاده، وفي حالة انتفاء تلك الجهة فإنه يستحيل تطبيق تلك العقوبة، وذلك كله على الفرض الجدلي بانطباقها على واقعات الدعوى الماثلة أصلا؛ الأمر الذي لا مندوحة منه عدم جواز توجيه هذه التهمة السيد إبراهيم كريمي ؛لامتناع ذلك بسبب استحالتين، واقعية وقانونية

Reply · Report Post