خلط أحد الكتاب الكبار في عموده اليومي في جريدة تصدر من لندن بين ما يوضع في الصناديق السيادية من فوائض تزيد عن الاحتياجات المحلية، وبين الإنفاق الحكومي على مختلف برامج التنمية بما فيها برامج الابتعاث.
وتوصل إلى نتيجة لا أدري من أين أتى بها وهي أنه لا داعي للصندوق السيادي، وفات عليه أن السنوات تتقلب ما بين سمان وعجاف، كما فات عليه أن الفوائض المالية التي لدينا الآن والتي تُقارب سبعمائة مليار دولار إذا ما استثمرت في الصندوق السيادي المُقترح لتمكننا من ريعها فقط أن نعيش في رغد دونما الاعتماد على النفط.
إنني من الأوائل الذين نادوا بالتنمية في الإنسان، والكاتب يعتبرها وحدها كافية لرفعة الأوطان، فإذا كان ذلك صحيحاً بالنسبة للبلدان التي لا تمتلك موارد بترولية، فإنه بالنسبة لنا يختلف، فنحن نبتعث أبنائنا ليعود نتاج هذا الابتعاث على وطنهم، وهنا أسأل ما الضير في أن نستثمر في الإنسان وفي الوقت نفسه نحتفظ للأجيال القادمة بحياة كريمة من خلال الصندوق السيادي؟؟
يبدو أن الكاتب لا يعرف معنى تقلبات أسواق النفط العالمية، وقد راجعنا المختصين في الأمور البترولية والمالية فأكدوا لنا ما نعلمه جيداً ويعلمه غيرنا وهو أن النفط لن يظل بأسعاره المرتفعة إلى الأبد، ناهيك عن أنه سينضب يوماً لا ريب فيه و أن الاستهلاك المحلي في ارتفاع.
لقد ضرب مثلاً بالكويت وضياع جزء من أموال صندوق الأجيال أثناء حرب الخليج، ونسي أن الكويت بعد الاجتياح العراقي لها أحرقت آبار البترول فيها ودُمر معظمها وكان صندوق الأجيال الكويتي هو البديل لتأمين احتياجات الكويت المالية بمليارات الدولارات، ونسي أيضاً أن الكويت اليوم يوجد في صندوقها السيادي ما يُقارب 450 مليار دولار.
بشكلٍ عام ما ذكره حول الصندوق السيادي السعودي غير منطقي وغير علمي وكأنه يسمع عنه لأول مرة، ولذلك فعليه أن يعود لتجارب الدول الأخرى التي استثمرت في صناديقها السيادية ليعرف مزاياها.
مشكلة بعض الإعلاميين أنهم يجيدون محاربة بعض الأفكار الجيدة ولا يرغبون في طرح الرؤية البديلة.

Reply · Report Post