alzulaly

Essa Salman · @alzulaly

10th Feb 2012 from Twitlonger

(الإمام أبو حنيفة, والكاتب حمزة كاشغري) 1_3

إن هذه المقالات الثلاث، قد تجرح البعض و تجعل البعض منهم أكثر تشجنا و حمقا، بينما يقيني أن الأكثرية سيكونون أحرص على مراجعة صحة وصدق ما سآتي على ذكره، و التفكير فيه، محاولين تصحيح الكثير من المفاهيم الخاطئة !
و قبل أن أبدأ هذه المقالات سأذكر مقدمتين أساسيتين يجب على الجميع فهمهما !
١- إن الرموز في كل ديانة لها مكانتها الخاصة التي تفرض على الجميع احترامها، سواء كانت حقا أو باطلا والدلائل على ذلك كثيرة !
قال تعالى في احترام رموز المخالفين للدين الإسلامي :(ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم).
وقال صلى الله عليه وسلم، عندما قدم عكرمة بن أبي جهل للمدينة يأتيكم عكرمة بن أبي جهل مؤمنا مهاجرا، فلا تسبوا أباه، فإن سب الميت يؤذي الحي).
فمن باب أولى أن يحترم المخالف للاسلام رموز المسلمين، خصوصا مع وجوده بينهم.
٢- الاصل في الناس الخير، وحسن الظن أولى من سوئه، ومتى ما استطعنا التماس العذر للشخص أصبح واجبا، خصوصا في حقوق الله ورسوله؛ يقول صلى الله عليه وسلم ( ادرؤوا الحدود بالشبهات) والحدود كلها حقوق لله، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (لأن أعطل الحدود بالشبهات أحب إلي من أن أقيمها بالشبهات).


إن ما حدث مؤخرا من هيجان البعض بسبب ما ذكره الكاتب حمزة كاشغري حول الرسول عليه الصلاة والسلام دلالة خطر منقطع النظير!


فأن يتم إظهار إحداثيات شخص ما (بيته وكامل معلومات تنقله) و المطالبة بدمه، مؤشر كبير على بداية زوال للأمن، وانقلاب حياة الناس إلى مجازر ينفذها الناس بأنفسهم، وماذا لو ذهب متهور من المراهقين المتربين في أحضان بعض المتشددين الذين يطالبون بإقامة الحد من الافراد في حالة إغفال الحكومة لذلك ؟! ثم ماذا لو أن هذا الأهوج الصغير لم يميز صورة المطلوب فقتل أخاه ؟!
وتكثر الخطورة مع التهييج المتواصل من بعض رجالات الدين، الذين يعتقد بعض الحمقى أنهم أحرص على الدين من الله عز و جل !
هذا دون التناقض الذي عاشه بعض المطالبين بالمناصحة السرية !!


إن ما قاله الكاتب حمزة كاشغري من عبارات حول الرسول صلى الله عليه وسلم كلمات ذات طابع أدبي سريالي قابل للتأويل و التأويل الآخر، فبوسع المرء أن يؤولها على أنها إساءة، كما بوسع البعض أن يؤولها على أنها عبارات مغرقة في المجاز إلى حد السريالية و أنها تنطوي على حب عميق للنبي صلوات ربي و سلامه عليه !
أن تصف عظيما بالصديق، تستطيع أن تفهمها استصغارا، مع إمكاني أن أطبق أمر الله فأحسن الظن, ونتأولها نحو المبالغة في الحب، خصوصا وقد تم -خلال الساعة نفسها، وقبل تصعيد بعض الموتورين- اعتذاره بأنه أساء التعبير و أن مقصده حب الرسول عليه الصلاة والسلام .. هذا غير بيانه المطول الأخير !


إن الذين أرادوا قتله -بأنفسهم- ليسوا إلا مثل الأعراب الأشد كفرا ونفاقا، الذين لا يعرفون من الدين إلا رسمه!
فآيات القرآن وأحاديث الرسول وأفعال الصحابة وأقوال السلف رضوان الله عليهم، كلهم يخبرون بأن الحدود لا تنفذ إلا بأمر من ولي الأمر، والغريب أن نجد رجالات الدين يتحمسون لإراقة الدم فيطالبون به، ولا نجدهم يصححون أخطاءهم فيسكتون عما قد تسببه أفعالهم من غياب للأمن، فلا يوضحون بشكل مباشر بحيث لا يتحول الوضع إلى فوضى بصعب ضبطها، وأن يكون التطبيق للحاكم فقط وأخص بالذكر الشيخين ناصر العمر وسلمان العودة (هذا في حالة استحق حمزة القتل كما يدعون).
خصوصا وأن لهم سوابق في مثل هذه الفتاوى المجملة والمبهمة ! والتي قد يفهمها بعض الشباب بشكل خاطئ فيتهور و يرتكب جريمة في حق الأبرياء، وقد مات بمثل هذه الحالات الآلاف، كما دخل آلافٌ السجون، هذا غير الزعزعة والاخلال بالامن التي احدثوها في عموم العالم (الاسلامي قبل الغربي) !


لا أعلم أي منهج يؤطر فهم هؤلاء للدين -خصوصا من يدعون طلب العلم الشرعي- وكيف يجرؤون على تأويل المتشابه من القول، وهم يعلمون بوجود ما هو أحد و أشد وطأة، وأوضح لمحبي التكفير في التراث الاسلامي، ومن كبار الأئمة!
وقد لا يعلم هؤلاء ولكن غرهم الاتباع وفتنوهم بأنفسهم فنصبوا حالهم علماء يحكمون باسم الله عز وجل ويصدرون شهادات الحياة والايمان أو يسحبونها !


إن الإمام أبو حنيفة يقول مقولة لو عاش بعض الموتورين في زمانه لطالبوا بدمه عنترية وجهلا.. وهذه المقولة أحق بالشك لدى الموسوسين مما قاله حمزة! ولكن الاغترار بقداسة الاشخاص تفرق وتسطح الامور !
يقول الإمام احمد بن حنبل في كتاب السنة النسخة التي حققها د محمد القحطاني ونشرتها دار ابن القيم صفحة ٢٢٦ من المجلد الأول: "كان أبو حنيفة يقول :(لو أدركني النبي صلى الله عليه وسلم أو أدركته لأخذ بكثير مني ومن قولي)" انتهى كلامه !


ولست أدري ماذا كان سيكون موقف الهائجين اليوم من الإمام أبي حنيفة إذ يقول ما يقوله، و هل كانوا سيتهمونه بالإنتقاص من قدر النبي صلى الله عليه وسلم؟ أو إدعاء النبوة؟! لكن يبدو أن حمزة كاشغري كان الحائط القصير الذي سهل على الجميع القفز عليه !


إن الواجب على جميع العقلاء أن يفكروا بحياة الانسان قبل موته، (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا) و بإيمان الشخص قبل كفره،(قال يا ليت قومي يعلمون) بحسن الظن لا إساءته) و(إن بعض الظن إثم) وأن لا يسمحوا لأنفسهم بأن يكونوا ضحايا ومطايا يمتطيها الآخرون يتحقيق أغراضهم السياسية

Reply · Report Post