خطبة الشيخ الدكتور عبداللطيف آل محمود في جامع عائشة أم المؤمنين
#Bahrain
#Shababtgonu

أقدار ليلة القدر
ليلة القدر من أهم الليالي لدى المسلمين ماضيا وحاضرا ومستقبلا ، فهي الليلة التي قال الله عنها : " إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)"
قدرها العظيم أنها ليلة ذات قدر ، أنزل فيها كتاب ذو قدر ، على رسول ذي قدر ، لأمة ذات قدر بين أمم الأرض كلها على مدار تاريخ الإنسانية الماضي والحاضر والمستقبل .
لليلة القدر خمس خصائص ؛
1 - هي الليلة التي أنزل فيها القرآن الكريم هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان .
2 - وهي ليلة ذكرى ميلاد الأمة الإسلامية .
3 - والعمل فيها خير من العمل في ألف شهر .
4 - وهي الليلة التي تتنزل فيها الملائكة وجبريل عليهم السلام بكل ما سيحدث في الدنيا من تلك الليلة إلى نظيرتها في السنة القادمة .
5 - وهي الليلة التي تمر الملائكة على القائمين والطائعين في تلك الليلة فتبشرهم بالسلم والسلام عليهم في الدنيا والآخرة .
أهميتها للفرد المسلم المؤمن بكتاب ربه أن يكون من أولئك الذين تتنزل عليهم الملائكة في تلك الليلة وتبشرهم وتعدهم بالسلام في الدنيا وفي الآخرة ، وأن يكون ممن يقوم تلك الليلة إيمانا واحتسابا ليغفر له ما تقدم من ذنبه كما أخبر بذلك رسول الله (ص) القائل : (مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ، وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ).
قدر القرآن الكريم :
1 – أنه هدى : فهو " هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2)" البقرة ، " و "" هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (52) ، " هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2)" النمل ، و "هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ (3)" لقمان ، وهدايته وخيره وبركته ليست مقصورة على المسلمين بل هو هدى للناس أجمعين : " و هُدًى لِلنَّاسِ" البقرة ، لأنه يتعلق بمعاشهم ومعادهم وكل من يطبقه يحصل على خيره.
2 - أنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، تنزيل من حكيم حميد .
3 - واختصت الأمة العربية بشرف أن يكون بلغتها ، فلا توجد لغة في العالم قادرة على حمل معاني القرآن الكريم سوى اللغة العربية "بلسان عربي مبين " .
4 – أنه الكتاب الإلهي الوحيد الذي حفظه الله تعالى من التغيير والتبديل والتحريف : "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" .
5 – أنه المرجع المتفق عليه للأمة الإسلامية لحياتها وعلاج مشاكلها واستمرارها والحكم فيما بينها عند الاختلاف : "وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48)" المائدة
وقدر الرسول (ص)
1 - أنه خاتم الأنبياء والمرسلين ، "مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (40)" الأحزاب .
2 – أنه وارث جميع النبيين والمرسلين : "إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآَتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (163) وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (164) رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (165) لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (166)" النساء.
3 – أنه وارث دعوة أبي الأنبياء إبراهيم عليه الصلاة والتسليم : " إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (68)" آل عمران .
وقدر الأمة الإسلامية :
1 – أنها تحمل الأمانة العظمى للبشرية جميعا التي حملها الرسول الأغظم (ص) : "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا (46)" الأحزاب : " إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (8) لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (9)" الفتح ، : " وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)" الأنبياء.
2 – أنها الأمة الخاتمة كما أن رسولها النبي الرسول الخاتم .
3 – أنها خير أمة أخرجت للناس وجدت وستبقى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها مهما تكالبت عليها الأعداء : " كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ " آل عمران 110 .
فقوموا أيها المسلمون بمهمتكم نحو أنفسكم ونحو العالم الذي أراد الله لكم أن تقدموا له كل الخير ، والمطلوب منا أن نحقق هذه الخيرية لنا أولا ، ثم لبقية البشر بعد أن نكون أسوة حسنة لهم بالأعمال والأفعال لا بالأقوال والدعاوى ، ونثبت جدارتنا لنكون خير أمة أخرجت للناس .

زكاة الفطر وظهور الخير من وراء بعض ما نكره
أمران أحببت أن أوضحهما :
الأول : تذكير بزكاة الفطر ، فأوصيكم ونفسي بإخراج زكاة الفطر عن كل مسلم على قيد الحياة عند غروب شمس آخر يوم من أيام رمضان وليلة العيد ، وهي صاع من غالب طعام أهل البلد الذي تخرج فيه الزكاة ، وتقدر قيمتها بدينار ، ويجوز إعطاؤها نقدا إذا كانت أنفع للمسلمين ، ويجوز تقديمها قبل أيام ، وخيرها ما يؤدي إلى إغناء الفقراء والمساكين يوم العيد وليلته ، ويجوز إرسالها للخارج إذا كانوا في ضيق وحاجة كالمجاعة في الصومال .
الثاني : النظرة الإيجابية إلى كل ما يحدث للناس مما يكرهون ، ويوقنون بالخير فيما يحدث من مقادير الله ، عملا بقوله تعالى : " كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (216) البقرة ، وقوله تعالى : " فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19)" النساء .
ومن خير أحداث الفتنة التي وقعت على البحرين وما أصابنا ولا زال يصيبنا من هم وغم وأذى أنه مع فتح أبواب الترشح للانتخابات التكميلية :
1 - قد علم كل أناس قدرهم ومكانتهم ، فسقطت الأقنعة عن الذين كانوا يدعون إلإصلاح وتبين للناس حقيقة دعواهم ، وتبين للكثيرين في الداخل على الأقل أولئك الذين قال الله عنهم : " وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205) وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (206)" البقرة ، وسيتبين لنا الخير أكثر في مستقبل ألأيام بإذنه تعالى .
2- سقط حاجز الخوف عن الكثيرين الذين كانوا يخافون من بطش وسطوة بعض المتسلطين على رقاب البشر وأقدارهم باسم الدين والمصلحة الطائفية فيوجهونهم حيث يريدون أو يسكتون على مضض ، فرشحوا أنفسهم رغم التهديد والوعيد والتخوين والتكفير ، ووراء هذا خير كثير بإذنه تعالى .
لهذا فإننا ندعوا للمشاركة في الانتخابات بكل الأصوات التي لها حق التصويت وتملك نفسها وتحب الخير لهذ البلد ، ولا يضرنا تنكب البعض عن هذا الطريق ، فالله من ورائهم محيط ، ونسأل الله لنا ولهم الرشاد والتمسك بالطريق المستقيم ، ومن بعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم.
اللهم كما أهللت علينا رمضان بالخير والبركات فتقبله منا وتقبل صالح أعمالنا ، واجعلنا من عتقاء هذا الشهر الكريم .

Reply · Report Post